الاثنين، 16 أغسطس 2010

وادي حلفا مستقبل سياحي للسودان

الذين كانوا وراء بقاء مدينة وادي حلفا داخل حدود بلاد السودان وقاتلوا دون شطبها من خريطة جمهورية السودان ما زالوا أحياء يسعون في الاسواق في مدينة وادي حلفا ويحلمون بعودة مدينتهم الى ما كانت عليه خاصة في مجال السياحة. ويذكر هؤلاء ان ايرادات مجلس وادي حلفا من السياحة كانت حوالي ستة آلاف جنيه في العام المالي قبل غرق المدينة.. وهو مبلغ يسيل له لعاب المختلسين الذين كانوا نادرين جداً في ذلك الزمان الزاهر.
ويذكر هؤلاء – كذلك – ان ارتال الخواجات كانت تأتي أفواجاً إثر افواج عبر ميناء وادي حلفا فيستقبلهم المسؤولون عن السياحة ويضعون أمامهم برامج سياحية يختار السائح منها ما يريد. وكان أغلب هؤلاء السياح يختارون زيارة معبد بوهين غرب وادي حلفا، ومنهم من كان يختار معبدي سمنة شرقاً وغرباً كما كانوا مغرمين بزيارة كنيسة العذراء في فرص التي دّونتها أدبيات الآثار في بدايات الستينيات من القرن الماضي ومناطق أخرى في دبيرة وجزيرتى كولب وغيرها بشمال مدينة وادي حلفا. ومن هؤلاء السياح من كان يختار الذهاب الى صلب أو رؤية Ogojn ondi في ديار المحس.
ومنهم من يتجه الى دوشات واكمة وKulub وغيرها.
بعد غرق مدينة وادي حلفا، اعتقدت مصلحة الآثار في السودان ان الآثار شمال وجنوب هذه المدينة قد تمّ غمرها بالماء واصبحت معدومة تماماً. ولهذا تمت ازالة اماكن وجودها من خريطة السودان الاثرية. ومن المعلوم أنّ مياه السد العالي اغرقت المنطقة من فرص الى دال.
وذلك جزء بمثابة الثلث من امتداد معتمدية وادي حلفا الآن. واذا رصدنا موقف الوجود الأثري في هذه المعتمدية، فانه ما زالت هناك آثار تظهر وتختفي من تحت الماء غرب وادي حلفا (حسب رواية الشيخ محمد احمد ارناؤوط بوادي حلفا) ويرجحّ انها من بقايا معبد بوهين.
وآثار سمنة ما زالت قائمة ما عدا بعضها، وكان في سمنة هذه جبل مستوٍ إذا جلس عليه المرء اخرج ما في بطنه من غازات، وكان السياح مغرمين بالجلوس على هذا الجبل، وهناك آثار في أرونارتي الى الجنوب من سمنة، وفي دوشات وفي ukma kulub turmukke، وكل هذه الآثار ما زالت قائمة عكس اعتقاد المسؤولين عن الآثار في السودان، وهي آثار داخل الارض المغمورة بمياه السد العالي، واذا ذهبنا الى الجنوب من دال (آخر منطقة اغرقتها المياه جنوباً) فاننا نجد آثاراً في مناطق متفرقة اشهرها معبد صلب، وتتعدد مناطق الآثار في صواردة وصاي وكويكة وعاقولة حتى يظل الى Ogojn ondi بين قريتي tumbus، koboadi. وهو أثر لرجل ضخم (تتبرك النساء بموضع الذكورة فيه) وقد كان واقفاً طوله حوالي ستة أمتار. ويبدو ان وقفته العسكرية لم تعجب السيد جعفر نميري الذي رآه مرة (وليته ما رآه) وتفتقت عبقريته عن ضرورة ترحيله الى متحف السودان. ويقال انه جاء بعساكر أشداء ربطوه بالحبال في محاولة لرفعه في (مجروس) رابض في الرمل، وكان أن وقع وما استطاعوا رفعه مرة اخرى فتركوه حيث هو وما زال باقياً الا أنه انكسر في جنبه الأيمن عندما وقع.
ومن الأمور المهمة التي لا بد من ذكرها، ان ما كان من هذه الآثار في هيئة انسان فانه قد كسر انفه بفعل فاعل، ولهذا دلالة واضحة هي ان جهة ما عبثت بهذه الآثار لغرض هو ان لا تبدو تلك الانوف انوفاً سودانية فطساء.. ومن الممكن ان يستنتج القارئ ما هي هذه الجهة، ومن تلك الامور انه لا يأتي في خريطة الآثار في السودان ذكر (قصور الكشاف) المنتشرة في الارض النوبية في شمال السودان، وقد حكم هؤلاء الكشاف هذه الأرض من عام 1520 الى عام 1821م. وقد صدر كتاب يحوي نبذاً عن هذه القصور (صورة ووصفاً) للاستاذ الراحل محمد عثمان الفركاوي حوالي عام 2000م. وكان اول هذه القصور – حسب علمنا – في منطقة دوشات في قرية diffi الا انه غرق، وتتركز تلك القصور الآن في مناطق kulub، diffi (في kulub نفسها) ومفركة وعطّب (فيها قصر الكاشف آدم مندول جد المندلاب) وكويكة وصواردة وصاي و wawe.
واضعين كل ذلك في الاعتبار، فان السياح ما زالوا يتوافدون على وادي حلفا أفواجاً في كل باخرة من مصر، وهم – في الغالب- يقصدون البجراوية والمصورات (على الرغم مما حدث لها) وغيرها، وإذا خرج المسؤولون في وادي حلفا من عقلية ان يكون المسؤول عن الآثار والسياحة (محاسباً) ليستلم من السائح ما يعادل عشرة دولارات والسلام (كما هو حادث الآن) فانه من الممكن اعتبار مناطق وادي حلفا مناطق سياحية مهمة يمكن ان تستفيد منها بلاد السودان بشرط تأهيل مكاتب السياحة بهذه المدينة من حيث المباني ليجلس فيها كادر سياحي محترف لا مدرسون وكتبة يحبط اعمالهم حسن الظن فيهم.

هناك تعليقان (2):